مع اقتراب موعد زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن نهاية الأسبوع المقبل، دعت إيران جارها العراق إلى مزيد من تدعيم العلاقات بين البلدين في وقت لا يزال الهدوء الحذر المتمثل في التزام فصائل المقاومة العراقية بالهدنة سارياً.
و أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اتصالاً، معزياً فيه بمقتل عدد من قادة «الحرس الثوري» في القصف الإسرائيلي الذي طال مبنى تابعاً للسفارة الإيرانية في دمشق، الاثنين.
وعدّ رئيسي الموقف المشترك بين طهران وبغداد ضد إسرائيل «من مظاهر التضامن بين الشعبين»، معرباً عن أمله بمزيد من تدعيم العلاقات بين طهران وبغداد «في ظل عزيمة وإرادة كبار مسؤولي البلدين».
رئيسي أعرب عن شكره للحكومة العراقية لمواساتها إيران حكومة وشعباً وإصدار بيان لـ«التنديد بهذا الإجراء الإرهابي»، عادّاً ما حصل «انتهاكاً سافراً لمبدأ حصانة المواقع والكوادر الدبلوماسية والقنصلية، وهجوماً على المبدأين المهمين المتمثلين بالدبلوماسية والسلام الدولي».
وفي الوقت الذي توعد رئيسي بأخذ الثأر قائلاً إن إسرائيل سوف «تدفع ثمناً باهظاً إزاء ذلك»، فإنه أشاد «بالمواقف الصلبة والحاسمة للحكومة العراقية في دعم الشعب الفلسطيني المظلوم»، على حد وصفه. كما شدد على «ضرورة أن تتخذ جميع البلدان الإسلامية مثل هذه المواقف». وبحسب بيان حكومي عراقي، أكد السوداني طبقاً للبيان أن «استمرار العدوان على غزّة سيؤدي بالمنطقة وأمنها إلى منزلقات خطيرة»، داعياً في الوقت نفسه «المجتمع الدولي إلى تولّي مسؤولياته في حماية الشعب الفلسطيني ومنع امتداد الصراع إلى أرجاء المنطقة».
أولويات مختلفة
وحذر السوداني من المخاطر التي يمكن أن تترتب على استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي يمكن أن يكون مصدراً لتهديد أمن المنطقة، ما يمكن أن يؤدي إلى مواجهة منزلقات خطيرة.
وجاءت دعوة رئيسي لتعزيز العلاقات، فيما تبدو أولويات السوداني مختلفة لجهة العمل على تبريد الملفات الساخنة التي يحملها معه إلى واشنطن.
ويحاول السوداني إنهاء ملف الوجود الأجنبي في العراق وفي مقدمته الوجود العسكري الأميركي بطريقة تحقق التوازن في علاقات العراق الإقليمية والدولية.
وتبدو أولوية رئيسي هي بناء علاقة ثنائية متينة مع العراق في سياق مخاوف طهران وأذرعها في العراق من أن تأتي الترتيبات التي تلي زيارة السوداني إلى واشنطن مخالفة لتوقعاتها ولما تريده أصلاً من مبدأ «وحدة الساحات» في استمرار القتال ضد إسرائيل.
وتتجه بغداد لإبرام اتفاق مع الولايات المتحدة، يتمثل بانسحاب الأميركان عسكرياً وبناء العلاقة على أسس ثنائية، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين.
مقاومة من بغداد
وفي وقت تستمر الفصائل المسلحة التزام الهدوء على صعيد استهداف الأميركان في العراق، فقد جدد من يصنفون أنفسهم «محور المقاومة» من العاصمة بغداد، دعمهم للفصائل الفلسطينية وقطاع غزة في حربهم ضد إسرائيل.
وتترقب أطراف هذا المحور ما يمكن أن تسفر عنه زيارة السوداني إلى أميركا، لكنها تصر على مواصلة استهداف أهداف إسرائيلية.
وذهب الناطق باسم كتائب «حزب الله»، أبو علي العسكري، إلى ما هو أبعد من ذلك حين أعلن استعداد فصيله لتجهيز مقاتلي الأردن ممن يرومون التوجه إلى غزة.
وفي السياق نفسه، أكد زعيم تحالف «نبني في العراق»، هادي العامري، خلال تجمع جماهيري لنصرة غزة أقيم في بغداد الأربعاء، إصرار العراق حكومة وشعباً ومقاومة على إخراج الاحتلال الأميركي من البلاد.
وقال العامري إن «القضية الفلسطينية في وجدان وضمير كل العراقيين مرجعية وحكومة وشعباً ومقاومة»، مضيفاً أن «المرجعيات الدينية في العراق كان لها موقف مشرف وشجاع عبر التاريخ».
وفيما بدت رسائل للسوداني، اختتم العامري كلمته بالقول إن «الحكومة والشعب والمقاومة اليوم أكثر إصراراً على خروج الاحتلال وتحقيق السيادة الكاملة».